Translate

Rabu, 30 Oktober 2013

خلاصة التفسير

خلاصة التفسير
(المستوى الثالث)
كلية الدراسات الإسلمية والعربية
جامعة شريف هداية الله الإسلاميّة الحكومية
جاكرتا
تعريف لغة :هوالإظهار والكشف.
إصطلاحاٌ :  هو علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل علي نبي محمد (ص) وبيانمعانيه وإستخراج أحكامه و حكمه.
و من أهمية درسة علم التفسير:
Ø      بيان الاية تفصيلا وايضاح الاية مبهاما ومشكلا حتى لاتبقى في النفس بقية من أسس
Ø      لتسهيل الفهم القران
Ø      لنيل الثواب في الجنّة وتحفيف سعادة الدراين
Ø      لتحكيم العقل والإعتماد عليه في فهم القران الكريم
Ø      للاهتمام بتنطيم الحياة الإجتماعية على أساس من هدى القران
Ø      الدعوة إلى التعليم
Ø      تقوية شحصية المسلم
Ø      لتفريق بين الآية المدنية و الآية المدنية
Ø      معرفة فرق بين التفسير و التأويل
Ø      لمعرفة الأحكام في القران
 فرق بين التفسير و التأويل هناك قولان
القول الأول : إنهما مترادفان
القول الثانى : يقول إن بينهما فرق إلا أنهم اختلفوا في تحديده
·         ذهب بعضهم الى أنّ الاختلاف يعود الى العموم و الخصوص فالتفسير أعم من التأويل 
·         وذهب الآخرون الى أن الاختلاف من حيث قطعية الدلالة فالتفسير هو من علم الرواية و التأويل من علم الدراية
نشأة التفسير
نشأته : هو أول علوم القرآن نشأةً إذ ظهر مند عصر الرسول (صلي الله عليه وسلم ) ففهم الصحابه القرآن الكريم بسليقتهم العربية الآصيله إلا ما أشكل عليهم أحياناً فيسألون عنه رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) ليجيبهم عن إستفهامهم
وفي عصر التابعين لقن الصحابة القرآن الكريم لمن بعدهم كما لقن التابعين لمن دونهم بتفسيرة مشافهه وكتابة وبعد القرن الثالت أخد التفسير منحني آخر حيث فسر كل عالم القرآن حسب تخصصه العلمي فمنهم من أنتهج إبراز الإعجاز اللغوي للقرآن أو بيان أحكام القرآن أو أعرابه أو التصورالعقدي في القرآن.
               أساليبه

1.       التفسير التحليلي
2.       التفسير الاجمالي
3.       التفسير المقارني
4.       التفسير الموضوعي

        مناهيج التفسير
1.       التفسير بالمأثور
2.       التفسير الفقهي
3.       التفسير العقلي
4.       التفسير العملي
5.       التفسير الأدبي
6.       التفسير الاجتماعي
تفسير السورة الفاتحة تفسيرا تحليليا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
التسمية :
·      لسورة الفاتحة اثنا عشر اسما و ثلاثة أسماء معروفة هي : فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني. سميت فاتحة الكتاب : لأن الله بها افتتح القرآن. وسميت أم القرآن وأم الكتاب : لأنها أصل القرآن منها بدئ القرآن والسبع المثاني لأنها سبع آيات باتفاق العلماء. وسميت مثاني لأنها تثنى في الصلاة ، فتقرأ في كل ركعة
·      وهي مكية على قول الأكثرين، وقال مجاهد : مدنية

س : هل البسملة اية من الفتحة؟
ج : اختلاف العلماء:
·      المالكية و الحنفية " ليس هن الآية في الصورة الّا في صورة النمل" بحديث انس رواه مسلم "صلينا مع رسول الله وابي بكر وعثمان ولم اسمع احدا منهم يقرا بسم الله الرحمن الرحيم" والحنفية يقول ("يجوز في كل ركعة سرا") والمالكية يقول ("لا يجوز في كل وكعة سرا وجهرا")
·      الشافعية والحنابلة: "البسملة اية من الفاتحة فتجب قرائتها في كل صلاة الا ان الحنابلة قالوا مثل ما قال الحنفية تقرأ إذا كان المصلى منفردا ولاجهرا.
[ الحمد لله رب العالمين ] أي قولوا يا عبادي إذا أردتم شكري وثنائي الحمد لله  رب الإنس والجن والملائكة ، ورب السموات والأرضين و الفرق بين الحمد و الشكر   إنّ الحمد يخصّ لله و الشكر لله و المخلوق .  
(العالمين) وقال ابن عباس : العالمون الجن والإنس، دليله قوله تعالى:" ليكون للعالمين نذيرا" ولم يكن نذيرا للبهائم.   وأبو عبيدة: العالم عبارة عمَّن يعْقل، وهم أربعة أمم: الإنس والجن والملائكة وَالشياطين. و لا يقال للبهائم: عالم، لأن هذا الجمع إنما هو جمع من يعقل خاصّة. قال الأعشى: ما إن سمعت بمثلهم في العالمينا.
[ الرحمن الرحيم ] الرحمن ذو الرحمة الشاملة التى وسعت الخلق فى أرزاقهم ومصالحهم ، وعمت المؤمن والكافر ، والرحيم خاص بالمؤمن كما قال تعالى : [ وكان بالمؤمنين رحيما ]
 [ إياك نعبد وإياك نستعين ] و يقدم "إياك نعبد" ثم" إياك نستعين" لأنّ تقدم الواجبات ثم الحقّ
[ إهدنا الصراط المستقيم ] أي دلنا وأرشدنا يا رب إلى طريقك الحق ، ودينك المستقيم وثبتنا على الإسلام الذي بعثت به أنبياءك ورسلك ، وأرسلت به خاتم المرسلين ، واجعلنا ممن سلك طريق المقربين.
والصراط المستقيم قال ابن عباس وجابر رضي الله عنهما: هو الإسلام وهو قول مقاتل. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: هو القرآن وروي عن علي رضي الله عنه مرفوعا "الصراط المستقيم كتاب الله"  وقال سعيد بن جبير رضي الله عنه: طريق الجنة. وقال سهل بن عبد الله: طريق السنة والجماعة. وقال بكر بن عبد الله المزني: طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. [وقال أبو العالية والحسن: رسول الله وآله وصاحباه] وأصله في اللغة الطريق الواضح.
[ صراط الذين أنعمت عليهم ] أي طريق من تفضلت عليهم بالجود والإنعام ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا.
[ غير المغضوب عليهم ولا الضالين ] أي لا تجعلنا يا ألله من زمرة أعدائك الحائدين عن الصراط المستقيم السالكين غير المنهج القويم ، من اليهود المغضوب عليهم ، أو النصارى الضالين ، الذين ضلوا عن شريعتك القدسية
تفسير سورة البقرة
بيان يدي السورة :
هي من السورة المدنية التي تعنى بجانب التشريع ، شأنها كشأن سائر السور المدنية ، التي تعالج النظم والقوانين التشريعية التي يحتاج إليها المسلمون في حياتهم الاجتماعية .
التسمية :
سميت السورة الكريمة ( سورة البقرة ) إحياءً لذكرى تلك المعجزة الباهرة ، التي ظهرت في زمن موسى الكليم ، حيث قتل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله ، فعرضوا الأمر على موسى لعله يعرف القاتل ، فأو حى الله تعالى إليه أن يأمرهم بذبح بقرة ، و أن يضربوا الميت بجزء منها فيحيى بإذن الله ويخبرهم عن القاتل ، وتكون برهانا على قدرة الله جل وعلا في إحياء الخلق بعد الموت.
فضلها :
عن رسولله أنه قال : (( لاتجعلوا بيوتكم مقابر ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة )) أخرجه مسلم والترمذي . وقال : (( إقرءوا سورة البقرة ، فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا يستطيعها البطلة )) يعني السحرة . رواه مسلم في صحيحه .
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)
وهم الذين يُصَدِّقون بالغيب الذي لا تدركه حواسُّهم ولا عقولهم وحدها; لأنه لا يُعْرف إلا بوحي الله إلى رسله، مثل الإيمان بالملائكة، والجنة، والنار، وغير ذلك مما أخبر الله به أو أخبر به رسوله
أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
أصحاب هذه الصفات (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) يسيرون على نور من ربهم . وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)
ومن الناس فريق يتردد متحيِّرًا بين المؤمنين والكافرين، وهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم: صدَّقْنَا بالله وباليوم الآخر، وهم في باطنهم كاذبون لم يؤمنوا. يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)  يعتقدون بجهلهم أنهم يخادعون الله والذين آمنوا بإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر، وما يخدعون إلا أنفسهم; لأن عاقبة خداعهم تعود عليهم. ومِن فرط جهلهم لا يُحِسُّون بذلك; لفساد قلوبهم.
في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) في قلوبهم شكٌّ وفساد فابْتُلوا بالمعاصي الموجبة لعقوبتهم، فزادهم الله شكًا...وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ الناس قالوا أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السفهآء ألا إِنَّهُمْ هُمُ السفهآء ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ (13 )الهمزة للإِنكار مع السخرية والاستهزاء، (الناس) كما آمن أصحاب النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قالوا أنؤمن كإِيمان هؤلاء الجهلة أمثال «صهيب، وعمار، وبلال» ناقصي العقل والتفكير؟! قال البيضاوي: وإِنما سفَّهوهم لاعتقادهم فسادَ رأيهم، أو لتحقير شأنهم، فإِن أكثر المؤمنين كانوا فقراء ومنهم موالي كصهيب وبلال. وَإِذَا لَقُواْ الذين آمَنُواْ قالوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قالوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُون(14) أولئكهم المنافقون..أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (16)أي استبدلوا الكفر بالإيمان، وأخذوا الضلالة ودفعوا ثمنها. مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذي استوقد نَاراً فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ(17) قال ابن كثير: ضرب الله للمنافقين هذا المثل، فشبههم في اشترائهم الضلالة بالهدى، وصيرورتهم بعد البصيرة إِلى العمى، بمن استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله وانتفع بها، وتأنس بها وأبصر ما عن يمينه وشماله.فكذلك هؤلاء المنافقون في استبدالهم الضلالة عوضاً عن الهدى، واستحبابهم الغيَّ على الرشد، وفي هذا المثل دلالةً على أنهم آمنوا ثم كفروا، ولذلك ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات الشك والكفر والنفاق لا يهتدون إِلى سبيل خير، ولا يعرفون طريق النجاة.صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18) أي هم كالصم لا يسمعون خيراً {بُكْمٌ} أي كالخرص لا يتكلمون بما ينفعهم {عُمْيٌ} أي كالعمي لا يبصرون الهدى ولا يتبعون سبيله {فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } أي لا يرجعون عما هم فيه من الغي والضلال.
تفسير سورة البقرة آية ١٥٥ – ١٥٧
{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْف} لِلْعَدُوِّ {وَالْجُوع} الْقَحْط {وَنَقْص مِنْ الْأَمْوَال} بِالْهَلَاكِ {وَالْأَنْفُس} بِالْقَتْلِ وَالْمَوْت وَالْأَمْرَاض {وَالثَّمَرَات} بِالْحَوَائِجِ أَيْ لَنَخْتَبِرَنَّكُم فَنَنْظُر أَتَصْبِرُونَ أَمْ لَا {وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ} عَلَى الْبَلَاء بِالْجَنَّةِ. هم{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَات} مَغْفِرَة {مِنْ رَبّهمْ وَرَحْمَة} نعمة {واؤلئك هُمْ الْمُهْتَدُونَ} إلَى الصَّوَاب
تفسير سورة البقرة ( 172 – 173 )
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)
                       
يا أيها المؤمنون كلوا من الأطعمة المستلذة الحلال ، ولا تكونوا كالكفار الذين يحرمون الطيبات، إن الأكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة و الأكل من الحرام يمنع قبولهما
إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)
إنما حرم الله عليكم ما يضركم كالميتة التي لم تذبح بطريقة شرعية، وتعريف الميتة هو ما فارقها الروح من غير ذكاة، الاّ اذا كانت ميتة البرّ لا ميتة البحر قال  تعالى : { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البحر } قوله : { والدم } قد اتفق العلماء على أن الدم حرام ، وفي الآية الأخرى : { أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا } [ الأنعام : 145 ] قوله : { وَلَحْمَ الخنزير} إن المحرّم إنما هو : اللحم فقط . وقد أجمعت الأمة على تحريم شحمه كما حكاه القرطبي في تفسيره وقد ذكر جماعة من أهل العلم أن اللحم يدخل تحته الشحم . وحكى القرطبي الإجماع أيضاً على أن جملة الخنزير محرّمة إلا الشعر ، فإنه تجوز الخرازة به .قوله : { وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله } الإهلال : رفع صوته والمراد هنا : ما ذكر عليه اسم غير الله كاللات والعزّى ، إذا كان الذابح ، وثنياً  وإذا كان الذابح مجوسياً . ولا خلاف في تحريم هذا ، وقوله : { فَمَنِ اضطر غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } فمن ألجأته الضرورة إلى أكل شيء منها، غير ظالم في أكله فوق حاجته، ولا متجاوز حدود الله فيما أُبيحه له.

آية الصوم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)
يقول تعالى مخاطبًا للمؤمنين من هذه الأمة وآمرًا لهم بالصيام، وهو: الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بنية خالصة للهعز وجل، لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة. وقد كان هذا في ابتداء الإسلام يصومون من كل شهر ثلاثة أيام، ثم نسخ ذلك بصوم شهر رمضان، كما سيأتي بيانه.
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
يمدح تعالى شهرَ الصيام من بين سائر الشهور، بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم فيه.
أما الصحف والتوراة والزبور والإنجيل -فنزل كل منهاعلى النبي الذي أنزل عليه جملة واحدة، وأما القرآن فإنما نزل جملة واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا، وكان ذلك في شهر رمضان، في ليلة القدر منه، كما قال تعالى: إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (القدر:1) وقال: إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ (الدخان:3)
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة، أخبرنا جرير، عن عبدة بن أبي برزة السِّجستانيعن الصُّلْب بن حَكيِم بن معاوية بن حيدة القشيري، عن أبيه، عن جده، أن أعرابيًا قال: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ.وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا شعبة، حدثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني".

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)
هذه رُخْصة من الله تعالى للمسلمين، ورَفْع لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام، فإنه كان إذا أفطر أحدهم إنما يحل له الأكل والشرب والجماع إلى صلاة العشاء أو ينام قبل ذلك، فمتى نام أو صلى العشاء حرم عليه الطعام والشراب والجماع إلى الليلة القابلة. فوجدوا من ذلك مَشَقة كبيرة. والرفث هنا هو: الجماع .وقوله: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّقال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جُبَير، والحسن، وقتادة، والسدي، ومقاتل بن حيان: يعني هن سَكَن لكم، وأنتم سكن لهن.وقال الربيع بن أنس: هن لحاف لكم وأنتم لحاف لهن.
وحاصله أنّ الرجل والمرأة كل منهما يخالط الآخر ويُمَاسه ويضاجعه، فناسب أن يُرَخَّص لهم في المجامعة في ليل رمضانَ، لئلا يشقّ ذلك عليهم.
روي الإمام أبو عبد الله البخاري: حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا أبو غَسَّان محمد بن مُطَرِّف، حدثني أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: أنزلت: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ  ولم يُنزلْ مِنَ الْفَجْرِ وكان رجال إذا أرادوا الصوم، رَبَطَ أحدُهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد: مِنَ الْفَجْرِ فعلموا أنما يعني: الليل والنهار.
وقوله تعالى:ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ يقتضي الإفطار عند غُرُوب الشمس حكمًا شرعيًا وقوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو في غير رمضان، فحرّم الله عليه أن ينكح النساء ليلا ونهارا حتى يقضي اعتكافه. عند العلماء: أن المعتكف يحرمُ عليه النساءُ ما دامَ معتكفًا في مسجده، ولو ذهب إلى منزله لحاجة لا بد له منها فلا يحل له أن يتلبَّث فيه إلا بمقدار ما يفرغ من حاجته تلك، من قضاء الغائط، أو أكل، وليس له أن يقبل امرأته، ولا يضمها إليه، ولا يشتغل بشيء سوى اعتكافه، ولا يعود المريض، لكن يسأل عنه وهو مار في طريقه.
الاستفادة من آية الصوم
·         الآية تبدؤ بالتقوى و تؤخر بالتقوى لأن الصوم الحقيقي هو المفعول الى الله أذا كانت العبادة نافعة للغير و صالح للنفس
·         هناك آية واحدة تتعلق بالدعاء، يعنى هناك علاقة قوية بين الصوم والدعاء

البقرة الآية 197-203
{ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ (197) }
قوله: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ } قال البخاري: قال ابن عمر: هي شوال، وذو القَعْدة، وعشر من ذي الحجة.  وقوله: { فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} أي: أوجب بإحرامه حَجًّا. فيه دلالة على لزوم الإحرام بالحج
وقوله: { فَلا رَفَثَ } أي: من أحرم بالحج أو العمرة، فليجتنب الرفث، وهو الجماع. وقوله: { وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } فيه قولان:أحدهما: ولا مجادلة في وقت الحج وفي مناسكه، وقد بينه الله أتَمّ بيان ووضحه أكمل إيضاح. كما قال وَكِيع، عن العلاء بن عبد الكريم: سمعت مجاهدًا يقول: { وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } قد بين الله أشهر الحَج، فليس فيه جدال بين الناس.
وقال الثوري، عن عبد العزيز بن رُفَيع، عن مجاهد في قوله: { وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } قال: قد استقام الحج، فلا جدَال فيه.
وقوله: { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ } لما نهاهم عن إتيان القبيح قولا وفعْلا حَثَّهم على فعل الجميل، وأخبرهم أنه عالم به، وسيجزيهم عليه أوفرَ الجزاء يوم القيامة.
وقوله: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } قال العوفي، عن ابن عباس: كان أناس يخرجون من أهليهم ليست (6) معهم أزْودة، يقولون: نَحُجُّ بيت الله ولا يطعمنا.. فقال الله: تزودوا (7) ما يكف وجوهكم عن الناس.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة: قال: إن ناسًا كانوا يحجون بغير زاد، فأنزل الله: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }
وقوله: { وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ } يقول: واتقوا عقابي، ونكالي، وعذابي، لمن خالفني ولم يأتمر بأمري، يا ذوي العقول والأفهام
{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)}
قال البخاري: حدثنا محمد، أخبرني ابن عيينة، عن عَمْرو، عن ابن عباس، قال: كانت عكاظ ومَجَنَّة، وذو المجاز أسواق الجاهلية، فتأثَّموا أن يتجروا في المواسم فنزلت: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ } في مواسم الحج.
وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبو محمد ابن بنت الشافعي، فيما كَتَب إليّ، عن أبيه أو عمه، عن سفيان بن عيينة قوله: { فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ } وهي الصلاتين  جميعاً.
وقوله: { وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ } تنبيه لهم على ما أنْعَم به عليهم، من الهداية والبيان والإرشاد إلى مشاعر الحج، على ما كان عليه إبراهيم الخليل، عليه السلام؛ ولهذا قال: { وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ } قيل: من قبل هذا الهدي، وقبل القرآن، وقبل الرسول، والكل متقارب، ومتلازم، وصحيح.
{ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199) }
"ثم" هاهنا لعطف خبر على خبر وترتيبه عليه، كأنه تعالى أمر الواقف بعرفات أن يَدْفَع إلى المزدلفة، ليذكر الله عند المشعر الحرام، وأمره أن يكون وقوفه مع جمهور الناس بعرفات. منها، فذلك قوله: { مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ }
وحكاه ابنُ جرير، عن الضحاك بن مزاحم فقط. قال: والمراد بالناس: إبراهيم، عليه السلام. وفي رواية عنه: الإمام. قال ابن جرير  ولولا إجماع الحجة على خلافه لكان هو الأرجح.وقوله
فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)
فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا هذه من صفات الحج المبرور و كان حاصله في الدنيا و الآخرة
فأنزل الله فيهم: { فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ } (3) وكان يجيء بعدهم آخرون [من المؤمنين] (4) فيقولون: { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } فأنزل الله: { أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } فجمعت هذه الدعوةُ كلَّ خير في الدنيا، وصرَفت كلّ شر فإن الحسنة في الدنيا تشملُ كلّ مطلوب دنيوي، من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هنيء، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين، ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا. وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن  من الفزع الأكبر في العَرَصات، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة، وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا، من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام.

{ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203) }
قال ابن عباس: "الأيام المعدودات" أيام التشريق، و"الأيام المعلومات" أيام العَشْر. وقال عكرمة: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } يعني: التكبير أيامَ التشريق بعد الصلوات المكتوبات: الله أكبر، الله أكبر.
وحدثنا خلاد بن أسلم، حدثنا رَوْح، حدثنا صالح، حدثني ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حُذافة يطوف في منى: "لا تصوموا هذه الأيام، فإنها أيام أكل وشرب، وذكر الله، عز وجل"وحدثنا يعقوب، حدثنا هُشَيم، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة، فنادى في أيام التشريق فقال: "إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله، إلا من كان عليه صَوْم من هَدْي".
وقال علي بن أبي طالب  :هي ثلاثة، يوم النحر ويومان بعده، اذبح في أيِّهنّ شئت، وأفضلها أولها.
والقول الأول هو المشهور وعليه دل ظاهر الآية الكريمة، حيث قال: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } فدل على ثلاثة بعد النحر.ويتعلق بقوله: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } ذكْرُ الله على الأضاحي، وقد تقدم، وأن الراجح في ذلك مذهب الشافعي، رحمه الله، وهو أن وقت الأضحية من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق. ويتعلق به أيضًا الذكر المؤقت خلف الصلوات، والمطلق في سائر الأحوال. وفي وقته أقوال  للعلماء، وأشهرها الذي عليه العمل أنَّه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وهو آخر النَّفْر الآخِر. وقد جاء فيه حديث رواه الدارقطني، ولكن لا يصح مرفوعا  والله أعلم. وقد ثبت أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كان يكبر في قبته، فيكبر أهل السوق.
الاستفادة :
·         فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا هذه من صفات الحج المبرور و كان حاصله في الدنيا و الآخرة
·         إنما يذكر الرفث و الفسوق و الجدال لحتمال الكبير لوقوعها في الحج
·         يجوز البيع في الحج

{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) }
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ } الآية.
إنّ لله عبادًا ألسنتهم أحلى منالعسل، وقلوبهم أمَرّ من الصّبر، لبسوا للناس مُسُوك الضأن من اللين، يَجْترّون الدنيا بالدين.
وأما قوله: { وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ } فقرأه ابن محيصن: "ويَشْهَدُ اللهُ" بفتح الياء، وضم الجلالة { عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ } ومعناها: أن هذا وإن أظهر لكم الحيل لكن الله يعلم من قلبه القبيح.وقراءة الجمهور بضم الياء، ونصب الجلالة { وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ } ومعناه: أنه يُظْهرُ للناس الإسلام ويبارزُ الله بما في قلبه من الكفر والنفاق.
وقوله: { وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } الألد في اللغةهو الأعوج
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدّقين برسوله: أنْ يأخذوا بجميع عُرَى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك.
قال العوفي، عن ابن عباس، ومجاهد، وطاوس، والضحاك، وعكرمة، وقتادة، والسُّدّي، وابن زيد، في قوله: { ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ } يعني: الإسلام.
: { كَافَّةً } حالا من الداخلين، أي: ادخلوا في الإسلام كلكم..
الاستفادة :
·         هذه الآية تدل على أنّ الاسلام دين كامل شامل و متكامل


التفسير السورة الفاتحة تفسيرا تحليليا

التفسير السورة الفاتحة تفسيرا تحليليا

كلية الدراسات الإسلمية والعربية
جامعة شريف هداية الله الإسلاميّة الحكومية
جاكرتا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
التسمية :
سورة فاتحة الكتاب ولها ثلاثة أسماء معروفة[1] : فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني. سميت فاتحة الكتاب : لأن الله بها افتتح القرآن. وسميت أم القرآن وأم الكتاب : لأنها أصل القرآن منها بدئ القرآن وأم الشيء : أصله ، ويقال لمكة : أم القرى لأنها أصل البلاد دحيت الأرض من تحتها ، وقيل : لأنها مقدمة وإمام لما يتلوها من السور يبدأ بكتابتها في المصحف وبقراءتها في الصلاة ، والسبع المثاني لأنها سبع آيات باتفاق العلماء. وسميت مثاني لأنها تثنى في الصلاة ، فتقرأ في كل ركعة ، وقال مجاهد سميت مثاني لأن الله تعالى استثناها لهذه الأمة فذخرها لهم.
وهي مكية على قول الأكثرين. وقال مجاهد : مدنية وقيل : نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة ولذلك سميت مثاني والأول أصح ، أنها مكية ، لأن الله تعالى من على الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "ولقد آتيناك سبعا من المثاني"[2]. والمراد منها فاتحة الكتاب وسورة الحجر مكية فلم يكن يمن عليه بها قبل نزولها.
تفسير البسملة :
أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شئ ، مستعيناً به جل وعلا فى جميع أموري ، طالباً منه وحده العون ، فإن الرب المعبود ، ذو الفضل والجود ، واسع الرحمة كثير التفضل والإحسان ، الذى وسعت رحمته كل شئ ، وعم فضله جميع الأنام.
تنبيه :
[ بسم الله الرحمن الرحيم ] افتتح الله بهذه الآية سورة الفاتحة وكل سورة من سور القرآن - ما عدا سورة التوبة - ليرشد المسلمين إلى أن يبدأوا أعمالهم وأقوالهم باسم الله الرحمن الرحيم ، التماساً لمعونته وتوفيقه ، ومخالفة للوثنيين الذين يبدأون أعمالهم بأسماء آلهتهم أو طواغيتهم فيقولون : باسم اللات ، أو باسم العزى ، أو باسم الشعب ، أو باسم هبل.
قال الطبرى : " إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه ، أدب نبيه محمداً (ص) بتعليمه ذكر أسمائه الحسنى ، أمام جميع أفعاله ، وجعل ذلك لجميع خلقه سنة يستنون بها ، وسبيلاً يتبعونه عليها ، فقول القائل : بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح تالياً سورة ، ينبئ عن أن مراده : أقرأ بسم الله ، وكذلك سائر الأفعال "
التفسير :
[ الحمد لله رب العالمين ] أي قولوا يا عبادي إذا أردتم شكري وثنائي الحمد لله ، اشكروني على إحساني وجميلي إليكم ، فأنا الله ذو العظمة والمجد والسؤدد ، المتفرد بالخلق والإيجاد ، رب الإنس والجن والملائكة ، ورب السموات والأرضين ، فالثناء والشكر لله رب العالمين ، دون ما يعبد من دونه.  (العالمين) وقال ابن عباس[3]: العالمون الجن والإنس، دليله قوله تعالى:" ليكون للعالمين نذيرا"[4] ولم يكن نذيرا للبهائم. وقال الفرَّاء وأبو عبيدة: العالم عبارة عمَّن يعْقل، وهم أربعة أمم: الإنس والجن والملائكة وَالشياطين. و لا يقال للبهائم: عالم، لأن هذا الجمع إنما هو جمع من يعقل خاصّة. قال الأعشى: ما إن سمعت بمثلهم في العالمينا.
[ الرحمن الرحيم ] أي الذي وسعت رحمته كل شئ وعم فضله جميع الأنام ، بما أنعم على عباده من الخلق ، والرزق ، والهداية إلى سعادة الدارين ، فهو الرب الجليل عظيم الرحمة دائم الإحسان. قال الخطابي[5] : الرحمن ذو الرحمة الشاملة التى وسعت الخلق فى أرزاقهم ومصالحهم ، وعمت المؤمن والكافر ، والرحيم خاص بالمؤمن كما قال تعالى : [ وكان بالمؤمنين رحيما ][6]
[ مالك يوم الدين ] أي هو سبحانه المالك للجزاء والحساب ، المتصرف فى يوم الدين تصرف المالك في ملكه.[ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ]
[ إياك نعبد وإياك نستعين ] أي نخصك يا ألله بالعبادة ، ونخصك بطلب الإعانة ، فلا نعبد أحدا سواك ، لك وحدك ربنا نذل ونخضع ، ونستكين ونخشع ، وإياك ربنا نستعين على طاعتك ومرضاتك ، فإنك المستحق لكل إجلال وتعظيم ، ولا يملك القدرة على عوننا أحد سواك.
[ إهدنا الصراط المستقيم ] أي دلنا وأرشدنا يا رب إلى طريقك الحق ، ودينك المستقيم وثبتنا على الإسلام الذي بعثت به أنبياءك ورسلك ، وأرسلت به خاتم المرسلين ، واجعلنا ممن سلك طريق المقربين.
          والصراط المستقيم قال ابن عباس وجابر رضي الله عنهما: هو الإسلام وهو قول مقاتل. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: هو القرآن وروي عن علي رضي الله عنه مرفوعا "الصراط المستقيم كتاب الله"  وقال سعيد بن جبير رضي الله عنه: طريق الجنة. وقال سهل بن عبد الله: طريق السنة والجماعة. وقال بكر بن عبد الله المزني: طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. [وقال أبو العالية والحسن: رسول الله وآله وصاحباه] وأصله في اللغة الطريق الواضح.[7]
[ صراط الذين أنعمت عليهم ] أي طريق من تفضلت عليهم بالجود والإنعام ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا.
[ غير المغضوب عليهم ولا الضالين ] أي لا تجعلنا يا ألله من زمرة أعدائك الحائدين عن الصراط المستقيم السالكين غير المنهج القويم ، من اليهود المغضوب عليهم ، أو النصارى الضالين ، الذين ضلوا عن شريعتك القدسية ، فاستحقوا الغضب واللعنة الأبدية. اللهم آمين.







المراجع
Ø       معالم التنزيل (تفسير البغوي) : محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي.
Ø       صفوة التفاسير : الشيخ محمد علي الصابوني.
Ø       زاد المسير في علم التفسير : عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
Ø      الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي) - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي



[1]  معالم التنزيل (تفسير البغوي) ص : 49 , ج : 1
[2]  الحجر - 87
[3]  الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)  ص:138, ج:1
[4]  سورة الفرقان آية 1
[5]  زاد المسير في علم التفسير ص : 9  ج : 1
[6]  الاحزاب 43
[7]  معالم التنزيل (تفسير البغوي) ص : 54 , ج : 1