Translate

Minggu, 03 November 2013

عوامل نشأة علم الكلام

عوامل نشأة علم الكلام

كلية الدراسات الإسلمية والعربية
جامعة شريف هداية الله الإسلاميّة الحكومية
جاكرتا

المبحث الأولى
عوامل نشأة علم الكلام

إنّ علم الكلام كسائر العلوم الإنسانيّة، ظاهرةٌ فكريّةٌ وعلميّةٌ نشأت بين المسلمين لأسبابٍ وظروفٍ وعوامل عدّةٍ، تأتي إن شاء الله تعالى. وما يهمّنا هو علم الكلام الإسلاميّ، وإن كانت ظاهرة هذا العلم موجودةً في الديانات الأخرى، في مدارس الديانة المسيحيّة واليهوديّة، وقد ألّف غير واحدٍ من علماء هذه الديانات كتباً كلاميّةً يرجع تاريخها إلى القرنين الخامس والسادس الهجريّين، ولعلّ على رأسهم القدّيس توما الأكوينيّ. لكن ما يهمّنا من هذا البحث خصوص الكلام في مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
وهناك اراء كثيرة فى العومل الداخلية, منها :
v   عند الدكتور مصر المحشر بيدين في كتابه الدرسات في العقيدة الاسلامية فترجع إلى ما يأتي  :[1]
1.       كون الإنسن له الفطرة والعقل. أما الفطرة, فإنها ما غرزه الله تعالى فى النفس البشرية من شعور بالحاجات إلى الخالق المدبر.
2.       و أما العقل, فحثه القرآن على النظر العقلي فى الكون, و التأمل لما فيه و على التدبر فى بنإ العوالم و التوقف بعضها على بعض.
3.       إختلاف الناس فى التفسيرآيات القرآن الكريم التي تتناول قضايا العقيدة.

v     عند محمد بدر الدين النعساني الحلبي في كتابه المرتضى-علم الهدى فترجع إلى ما يأتي :[2]
1)      دور القرآن الكريم
إنّ القرآن المجيد هو المنطلق الأوّل لنشوء علم الكلام ونضجه وارتقائه عند المسلمين، وإليه يرجع كل متكلّم إسلاميّ باحث عن المبدأ وأسمائه وصفاته وأفعاله.
2)      تأثير السنّة الشريفة
النبيّ صلى الله عليه وآله ناظرَ المشركين وأهل الكتاب بمرأىً ومسمعٍ من المسلمين. وهذه احتجاجاته مع نصارى نجران في العام العاشر من الهجرة، حتّى أنّه صلى الله عليه وآله ، بعدما أفحمهم، دعاهم إلى المباهلة.
3)      خطب الإمام عليّ عليه السلام
إنّ خطب الإمام ورسائله وكلماته القصار، التي حفظها التاريخ عن العصف والضياع، لأوضح دليل على أنّ الإمام عليه السلام كان هو المؤسّس للأُصول الكلاميّة، خصوصاً فيما يرجع إلى التوحيد والعدل.
4)      معارف العترة الطاهرة عليهم السلام.
لقد أُتيحت الفرصة للعترة الطاهرة عليهم السلام في آخر عهد الأمويّين وأوائل حكومة العباسيّين، في شرح المعارف وتوضيح الحقائق وتربية روّاد الفكر، وإرشاد الحكيم إلى دلائل وبراهين لا يقف عليها إلّا الأوحديّ من الناس، والتلميح إلى نكات عرفانيّة، لا يدركها إلّا العارف المتألّه.

v     عند عبد الفتاح فؤاد في كتابه الفرق الإسلامية وأصولها الإيمانية فترجع إلى ما يأتي :[3]
1.       تعرض القرآن بجانب دعوته إلى التوحيد لأهم الفرق والمذاهب والديانات والمعتقدات التي كانت شائعة ومنتشرة في عهد النبي صلى الله عليه والسلام فرد عليهم وفند أقوالهم، فكان طبيعياً أن ينتهج علماء المسلمين منهج القرآن في الرد على المخالفين للإسلام.
2.       كان المسلمون في العصر الأول في إيمان كامل وخالص من الجدل، ولما فرغ المسلمون من الفتوحات، واستقروا أخذوا ينظرون ويبحثون، فاستتبع هذا اختلاف وجهة نظرهم فاختلفت الآراء والمذاهب. وقد أشار الإمام الغزالي إلى هذا قائلا: "لما نشأت صنعة الكلام وكثر الخوض فيه. تشوق المتكلمون إلى مجاوزة الذب عن السنة بالبحث عن حقائق الأمور، وخاضوا في البحث عن الجواهر والأعراض وأحكامها.
3.       خلافهم في المسائل السياسية كان سبباً في الخلاف الديني، وأصبحت الأحزاب فرقاً وأحزابا دينية لها رأيها: فحزب "علي " تكوّن منه الشيعة، ومن لم يرض بعلي تكوَّن منهم الخوارج، ومن كره خلاف المسلمين كوّن فرقة المرجئة وهكذا .

وأما الأسباب الخارجية فيمكن حصرها إلى ثلاثة أوجه وهي:
1)      دخلت أناس إلى الإسلام وكانوا من ديانات مختلفة كاليهود والنصارى والمجوس والصائبة والبراهمة وغيرها وقد أظهروا أحكام شرائعهم في لباس دينهم الجديد.
2)      جعلت الفرق الإسلامية الأولى وخاصة المعتزلة همها الأول الدفاع عن الدين، والرد على المخالفين ، وكانت البلاد الإسلامية معرضةً لكل الآراء والديانات المختلفة والمتباينة ، يحاول كل فريق تصحيح رأيه وإبطال رأي غيره، وقد تسلحت اليهودية والنصرانية بالفلسفة فدرسها المعتزلة ليستطيعوا الدفاع بسلاح يماثل سلاح الهاج.
3)      حاجة المتكلمين إلى الفلسفة اضطرتهم إلى قراءة الفلسفة اليونانية والنطق والتكلم في شأنها والرد عليها.
المبحث الثانى
حكم الإشتغال بعلم الكلام

إختلف العلماء, ممنعاشروا نشؤا هذا العلم, و أطور وجوده, و بعض المراحل التى مرّ بها, بين مؤيّد لهذا العلم ير أن إشتغال به مباح, إن لم يكن فرض من فروض المفاية, و بين معارض للإشتغال به يرى أن الخوض فيه من الأمور الّتي تخالف شريعة الله سبحانه, فحرّم تعلّمه و تعليمه و المناظرة به, بل وصل الأمر ببعضهم إلى تحريم مجالسة المشتغلين به.[4]
و أمّا حكم  إشتغل به حكمان :
1.      حرم
وأما الدليل الذي تدل على تحريمه منها :
-         قالوا: إنّ الله عزّ وجلّ قد نهى عن النـزاع والشقاق، حيث قال : (وَلاَ تَنَازَعُوْا فَتَفْشَلُوْا وَتَذْهَبَ رِيْحُكُمْ)[5]، والاشتغال بهذا العلم يؤدّي إلى كثرة الجدال الذي يؤدّي إلى التنازع والشقاق.
-         قالوا: إنّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم نهى عن المراء، حتى لو كان الإنسان مُحقًّا، فقد ورد عنه عليه الصلاة والسلام : من ترك المراء وهو مُحقٌّ بنى الله له بيتًا في الجنّة[6]، كما قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: (أنا زعيمُ بيتٍ في رَبَضِ الجنّة لمن ترك المراء وهو مُحقٌّ)[7]، وهو يدلّ على وجوب ترك المراء والجدال.

2.      وجب أو جواز
وأما الدليل الذي تدل على وجوبه أو جوازه منها :
-         قالوا: إنّ الله عزّ وجلّ أمر بالمجادلة في القرءان الكريم، وبيّن طريقتها في آيات كثيرة حيث قال سبحانه وتعالى:  وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِيْ هِيَ أَحْسَنُ[8]، وهو دليل على جواز المجادلة بالتي هي أحسن، وقال سبحانه آمرًا بالمجادلة:  ادْعُ إِلَى سَبِيْلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِيْ هِيَ أَحْسَنُ.[9]
-         قالوا: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما حرّم المراء؛ فإنّه حرّم المراء الذي لا فائدة من ورائه، والجدال الذي لا يُفيد إلاّ زيادة السفه والطيش[10]، أمّا الجدال بين المسلمين وغيرهم بُغية التوصّل إلى الحقّ والصواب، والمجادلة بين أهل الإيمان أنفسهم بُغية إحقاق الحقّ، فليس ثمّة ما يمنع منها، ولم لا تجوز وقد فعلها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم

وخلاصة الرأي في حكم الاشتغال بهذا العلم أنّنا ينبغي أن ننظر إلى مقاصد هذا العلم، ومسائله التي يبحثها نظرَ فاحصٍ مُدقّقٍ ، لنعرف بعد ذلك أنّ الاشتغال بهذا العلم وتعلّمه ليس حرامًا قطعًا، كما أنّه ليس مباحًا، بل هو من فروض الكفاية التي إذا فعلها مجموعة تقوم بهم الكفاية سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يفعلها أحد أثِمَ المسلمون جميعًا.
وسبب قولنا: إنّه واجب على الكفاية, أنّ الإسلام قد يتعرض في يوم من الأيّام لهجمات فكريّة تنصيريّة أو تهويديّة أو غيرها من الأفكار غير الإسلاميّة, فإذا لم يكن في المسلمين من يُحسن المجادلة عن الدين والمنافحة عن الحقّ؛ فإنّ عامة المسلمين سيرتدّون عن دينهم، وإذا وُجدت مجموعة تُنافح وتُدافع فإنّ عامّة المسلمين يُمكن أن يصمدوا في وجه هذه الهجمات، ولذلك فوجود مجموعة تَعلَمُ أصولَ الدينِ وتَعرفُ طُرقَ إثبات العقائد الدينيّة بالأدلّة والبراهين العقليّة من فروض الكفاية التي تصون هذه الأمّة من الوقوع في فخّ الانحراف عن منهجها السويّ.



المراجع                                                                                  المؤلف

ü    المدخل إلى دراسة علم الكلام                                   الدكتور حسن محمود الشافعيّ
ü    كتاب دلائل التوحيد                                                                   لمحمّد القاسمي
ü    الفرق الإسلامية وأصولها الإيمانية                                          عبد الفتاح فؤاد
ü    المرتضى-علم الهدى                                                    محمد بدر الدين النعساني الحلبي
ü    الدرسات في العقيدة الاسلامية                                               الدكتور مصر المحشر بيدين
ü      الاقتصاد في الاعتقاد                                                  أبو حامد الغزالي



[1]  د. مصر المحشر بيدين, الدرسات في العقيدة الاسلامية (مكتبة كلية الدرسات الاسلامية , جاكرتا 2012 م) ص 39
[3]  عبد الفتاح فؤاد، الفرق الإسلامية وأصولها الإيمانية (دار الدعوة, الإسكندرية 1997) 1ج 122ص
[4] انظر: كتاب دلائل التوحيد، لمحمّد القاسمي، ص 11
[5]  الآية 46 من سورة الأنفال.
[6]   رواه أبو داوود في: كتاب الأدب، باب في حسن الخلق، برقم 4800
[7]  رواه الترمذيّ في: كتاب البر والصلة، باب ما جاء في المراء، برقم 1993
[8]  الآية 46 من سورة العنكبوت.
[9]  الآية 125 من سورة النحل
[10]  الدكتور حسن محمود الشافعيّ, المدخل إلى دراسة علم الكلام، ص 41-42.

Tidak ada komentar:

Posting Komentar