التفسير السورة
الفاتحة تفسيرا تحليليا
كلية الدراسات الإسلمية والعربية
جامعة شريف هداية الله الإسلاميّة الحكومية
جاكرتا
بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ
الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا
الضَّالِّينَ (7)
التسمية :
سورة فاتحة الكتاب ولها ثلاثة أسماء معروفة[1] : فاتحة الكتاب، وأم القرآن،
والسبع المثاني. سميت فاتحة الكتاب : لأن الله بها افتتح القرآن. وسميت أم القرآن
وأم الكتاب : لأنها أصل القرآن منها بدئ القرآن وأم الشيء : أصله ، ويقال لمكة :
أم القرى لأنها أصل البلاد دحيت الأرض من تحتها ، وقيل : لأنها مقدمة وإمام لما
يتلوها من السور يبدأ بكتابتها في المصحف وبقراءتها في الصلاة ، والسبع المثاني
لأنها سبع آيات باتفاق العلماء. وسميت مثاني لأنها تثنى في الصلاة ، فتقرأ في كل
ركعة ، وقال مجاهد سميت مثاني لأن الله تعالى استثناها لهذه الأمة فذخرها لهم.
وهي مكية على قول الأكثرين. وقال مجاهد : مدنية
وقيل : نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة ولذلك سميت مثاني والأول أصح ، أنها
مكية ، لأن الله تعالى من على الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "ولقد آتيناك
سبعا من المثاني"[2]. والمراد منها فاتحة الكتاب
وسورة الحجر مكية فلم يكن يمن عليه بها قبل نزولها.
تفسير البسملة :
أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شئ ، مستعيناً
به جل وعلا فى جميع أموري ، طالباً منه وحده العون ، فإن الرب المعبود ، ذو الفضل
والجود ، واسع الرحمة كثير التفضل والإحسان ، الذى وسعت رحمته كل شئ ، وعم فضله
جميع الأنام.
تنبيه :
[ بسم الله الرحمن الرحيم ] افتتح الله
بهذه الآية سورة الفاتحة وكل سورة من سور القرآن - ما عدا سورة التوبة - ليرشد
المسلمين إلى أن يبدأوا أعمالهم وأقوالهم باسم الله الرحمن الرحيم ، التماساً
لمعونته وتوفيقه ، ومخالفة للوثنيين الذين يبدأون أعمالهم بأسماء آلهتهم أو
طواغيتهم فيقولون : باسم اللات ، أو باسم العزى ، أو باسم الشعب ، أو باسم هبل.
قال الطبرى : " إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه ، أدب نبيه محمداً (ص)
بتعليمه ذكر أسمائه الحسنى ، أمام جميع أفعاله ، وجعل ذلك لجميع خلقه سنة يستنون
بها ، وسبيلاً يتبعونه عليها ، فقول القائل : بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح
تالياً سورة ، ينبئ عن أن مراده : أقرأ بسم الله ، وكذلك سائر الأفعال "
التفسير :
[ الحمد لله رب العالمين ] أي قولوا يا
عبادي إذا أردتم شكري وثنائي الحمد لله ، اشكروني على إحساني وجميلي إليكم ، فأنا
الله ذو العظمة والمجد والسؤدد ، المتفرد بالخلق والإيجاد ، رب الإنس والجن
والملائكة ، ورب السموات والأرضين ، فالثناء والشكر لله رب العالمين ، دون ما يعبد
من دونه. (العالمين)
وقال ابن عباس[3]:
العالمون الجن والإنس، دليله قوله تعالى:" ليكون للعالمين نذيرا"[4] ولم يكن نذيرا للبهائم.
وقال الفرَّاء وأبو عبيدة: العالم عبارة عمَّن يعْقل، وهم أربعة أمم: الإنس والجن
والملائكة وَالشياطين. و لا يقال للبهائم: عالم، لأن هذا الجمع إنما هو جمع من يعقل خاصّة.
قال الأعشى: ما إن سمعت بمثلهم في العالمينا.
[ الرحمن الرحيم ] أي الذي وسعت رحمته
كل شئ وعم فضله جميع الأنام ، بما أنعم على عباده من الخلق ، والرزق ، والهداية
إلى سعادة الدارين ، فهو الرب الجليل عظيم الرحمة دائم الإحسان. قال الخطابي[5] : الرحمن ذو الرحمة الشاملة
التى وسعت الخلق فى أرزاقهم ومصالحهم ، وعمت المؤمن والكافر ، والرحيم خاص بالمؤمن
كما قال تعالى : [ وكان بالمؤمنين رحيما ][6]
[ مالك يوم الدين ] أي هو سبحانه المالك
للجزاء والحساب ، المتصرف فى يوم الدين تصرف المالك في ملكه.[ يوم لا تملك نفس
لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ]
[ إياك نعبد وإياك نستعين ] أي نخصك يا
ألله بالعبادة ، ونخصك بطلب الإعانة ، فلا نعبد أحدا سواك ، لك وحدك ربنا نذل
ونخضع ، ونستكين ونخشع ، وإياك ربنا نستعين على طاعتك ومرضاتك ، فإنك المستحق لكل
إجلال وتعظيم ، ولا يملك القدرة على عوننا أحد سواك.
[ إهدنا الصراط المستقيم ] أي دلنا
وأرشدنا يا رب إلى طريقك الحق ، ودينك المستقيم وثبتنا على الإسلام الذي بعثت به
أنبياءك ورسلك ، وأرسلت به خاتم المرسلين ، واجعلنا ممن سلك طريق المقربين.
والصراط المستقيم قال
ابن عباس وجابر رضي الله عنهما: هو الإسلام وهو قول مقاتل. وقال ابن مسعود رضي
الله عنه: هو القرآن وروي عن علي رضي الله عنه مرفوعا "الصراط المستقيم كتاب
الله" وقال سعيد بن جبير رضي الله
عنه: طريق الجنة. وقال سهل بن عبد الله: طريق السنة والجماعة. وقال بكر بن عبد
الله المزني: طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. [وقال أبو العالية والحسن: رسول
الله وآله وصاحباه] وأصله في اللغة الطريق الواضح.[7]
[ صراط الذين أنعمت عليهم ] أي طريق من
تفضلت عليهم بالجود والإنعام ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن
أولئك رفيقا.
[ غير المغضوب عليهم ولا الضالين ] أي
لا تجعلنا يا ألله من زمرة أعدائك الحائدين عن الصراط المستقيم السالكين غير
المنهج القويم ، من اليهود المغضوب عليهم ، أو النصارى الضالين ، الذين ضلوا عن
شريعتك القدسية ، فاستحقوا الغضب واللعنة الأبدية. اللهم آمين.
المراجع
Ø معالم التنزيل (تفسير البغوي) : محيي السنة
، أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي.
Ø صفوة التفاسير : الشيخ محمد علي الصابوني.
Ø زاد المسير في علم التفسير : عبد الرحمن
بن علي بن محمد الجوزي
Ø الجامع لأحكام القرآن (تفسير
القرطبي) - أبو عبد الله
محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي
Tidak ada komentar:
Posting Komentar