نشأة
اللغة الإنسانية
v
نشأة
اللغة الإنسانية
قبل الحديث عن نشأة
اللغة لابد من معرفة معنى اللغة كما عرّفها علماء الكلام فقالوا : هي أصوات يعبّر
بها كل قوم عن أغراضهم وهي عند اليونان والرومان تعني الوعاء للفكر أو مرآة عاكسة
له ، وعند الفلاسفة وأهل المنطق هي وسيلة للاتصال والتواصل أو لنقل الأفكار
والعواطف والرغبات بواسطة أصوات أو رموز صوتيّة ، ومن المحدثين قال سابير(2)
هي وسيلة إنسانية خالصة ، وغير غريزية لتوصيل الأفكار والانفعالات والرغبات بواسطة
رموز تصدر بطريقة إراديّة.
مما لا سك فيه أن
الله سبحانه وتعالى قد من على الإنسان منذ خلقه بنعمة البيان أي الإفصاح عما يعتلج
فى نفسه من مشاعر أو أفكار وكانت اللغة الإنسانية هي وسيلة إلى ذلك. لقد لفتت هذه
الظاهرة العجيبة انظار الفلاسفة والعملماء منذ القدم. فتسألوا عن نشأتها وطبيعتها
هل هي من صنع الله مباشرة أم أن الله سبحانه قد وفق البشر للإهتداء اليها وأعطاهم
من القدرة العقلية والذهنية ما جعلهم يتمكنون هم أنفسهم من صنعها. وإذا كانوا هم
الذين صنعوها فكيف تسنى لهم ذلك, أم بمحاكاة أصوات الطبيعة التى حولهم أم توضعوا
عليها واصطلحوا على تدوين ألفاظها واعطاء كل لفظ معنى من المعانى.
v
نظريات
نشأة اللغة
1. نظرية التوقيف
تعنى هذه النظرية أن
اللغة توقيف من عنده سبحانه لقنها آدم عليه السلام وقد شاع القول بذلك الكثيرين من
الفلاسفة واللغاويين قديما وحديثا من المسلمين وغيرهم يفول أحمد إبن فارس أن لغة
العرب توقيف ودليل ذلك قوله جل ثناؤه "وعلم آدم الأسماء كلها" فكان ابن
فارس يقول علم الأسماء كلها وهي هذه الأسماء التى يتعارفها الناس ون دابة وأرض
وسهل وجبل وأشباه ذلك. والدليل على صحة ما نذهب اليه اجماع العلماء على الاحتجاج
بلغة القوم فيما يختلفون فيه او يتفقةن عليه ثم أحتجاجهم بأشعارهم ولو كانت اللغة
مواضعة و اصطلاحا لم يكن أولئك فى الاحتجاج بهم بأولى منا فى الاحتجاج (بنا) لو
اصطلحنا عاى لغة اليوم, ولا فرق.
ويرى ابن فارس أن
اللغة لم تنشأ مرة واحدة وانما تدرجت فى مراحل متعددة حتى وصلت الى قمة النضج
والاكتمال على عهد الرسول محمد عليه الصلاة وسلم فيقول: ولعل ظانا يظن ان اللغة
التى دللنا على أنها توقيف انما جاءت جملة واحدة وفى زمن واحد. وليس الأمر كذلك بل
وقف الله عز وجل آدم عليه السلام على ما شاء أن يعلمه اياه مما احتاج الى علمه فى
زمانه. ثم علم بعد آدم عليه السلام من عرب الأنبياء صلوات الله عليهم نبيا نبيا,
ما شاء أن يعلمه حتى انتهى الأمر الى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. فآته الله عز
وجل من ذلك ما لم يؤته أحد قبله تماما على ما أحسنه من اللغة المتقدمة.
وتسمى نظرية التوقيف
هذه بنطرية الاصل الالهى للغة أو نظرية الالهام ويقابلها نظرية الاصل الانسانى
التى تعنى أنها من صنع البشر وقد أختلف القدماء فى تصوير هذا الاصل الانسانى لنشأة
اللغة على النحو الذى تصوره النظريات التالية:
2. نظرية الاصطلاح
يرى أصحاب هذا أن
اللغة استحدثت بالتواضع والاتفاق ، صاحب هذا الرأي الفيلسوف اليوناني ديموقريطس
الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد ،وقد ذهب مذهبه كوندياك وآدم سمث وريد ،
اتفق معه من علماء العرب القدماء أهل الاصطلاح فقالوا : كان يجتمع بعض الحكماء
فيحتاجون إلى الإبانة عن الأشياء
المعلومة ،فيضعوا لكلِّ واحد سمة ولفظاً إذا ذُكر عُرف به ما سمّاه ليمتاز به عن
غيره ،فكأنّهم جاءوا إلى واحد من بني آدم فأومأوا إليه وقالوا إنسان ...إنسان ،
فأي وقت سُمع هذا اللفظ ،عُلم أن المراد به هذا الضرب من المخلوقات.
وأهم الاعتراضات التى
وجهت الى هذه النظرية هو أن الاصطلاح يلزمه اصطلاحا آخر فيلزم الدور والتسلسل. أو
بعبارة أخرى أن التواضع على التسمية يتوقف فى كثير من مظاهره على لغة صوتية يتفاهم
بها المتواضعون فما يجعله أصحاب هذه النظرية منشأ للغة يتوقف هو نفسه على لغة
سابقة.
3. نظرية المحاكاة
يرى القائلون بهذه
النظرية أن اللغة قد نشات فى البداية عن محاكاة أصوات طبيعية وذلك بأن يقلد
الانسان الصوت الذى يسمعه للتعبير عن مصدر هذا الصوت أو صفة من صفاته, ويصور ابن
جنى رأي القائلين بالمحاكاة فيقول: وذهب بعضهم غلى أن اصل اللغات كلها إنما هو من
الاصوات المسموعات كدوى الريح وحنين الرعد وخرير الماء وشحيج الحمار ونعيق الغراب
وصحيل الفرس ونحو ذلك. ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد. ثم يعقب ابن جنى على هذا
الراي بقوله وهذا عندى وجه صالح ومذهب متقبل.
ولا تفسر لنا هذه
النظرية الا قلة قليلة من الالفاظ هي التى تحاكى بجرسها أصواتا فى الطبيعة مثل
نزيب الظبى و حنين الرعد وما شابه ذلك أما الكثرة الغالبة من ألفاظ اللغة فلا يمكن
أن تلمح فيها علاقة طبيعية بين ما تتركب منه من أصوات وما تدل عليه من معان وقد
تنبه العلماء العرب لفساد هذا القول ورأوا دليل فساده. أن اللفظ لو دل بالذات (أى
كانت دلالتهعلى معناه دلالة طبيعية) لفهم كل واحد كل اللغات لعدم أخلاف الدلالات
الذاتية واللازم باطل فالملزوم كذلك
4. نظرية الغناء
يرى القائلون بهذه
النظرية ان اللغة الإنسانية قد نشأت عن غناء الفطرى ذى الايقاع الرتيب الذى تحول
الى لغة فى نهاية الامر.
5. نظريات أخرى
هناك من اعتقد أن
اللغة قد نشأت كمجموعة من الأصوات والآهات التى تصاحب قيام مجموعة من الناس بمجهود
على شاق كتلك التى تصدر عن مجموعة الصيادين عند ما يستخرجون شباكهم مم النهر.
وهناك من العلماء من رأى أن نشاة اللغة يرتبط بقيام أعضاء الكلام وحاصة الاحبال
الصوتية بمحاكاة ما تقوم به أعضاء الجسم الأخرى من حركات. وهناك من طن أن الانسان
عند ما وصل درجة الرقى فسار على قدميه وانتصيت قامته تغير تركيب الى الحد الذى
مكنه من التحكم فى أعضاء النطق واستعمالها على النحو الذى يبرز فيه الكلام
الانساني.
أن كل هذه النظريات والأراء
لا تقدم جوابا شافيا عن كيفية النشأة الأولى للغة الإنسانية, اذ مما لا شك فيه.
كما يقول ماريوياى: أن كل هذه النظريات لم تثبت صحتها علميا ولا يمكن اثبات أساس
صحيح لها.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar