التربية
و تاريخها الغزالي
كلية الدراسات الإسلمية والعربية
جامعة شريف هداية الله الإسلاميّة الحكومية
جاكرتا
v
الغزالي
505 هـ / 1111 م
حجة الإسلام أبو حامد محمد بن
محمد بن محمد الغزالي الطوسي ، ولد في طوس إحدى مدن خراسان ببلاد فارس عام 450 هـ
/ 1058 م . نشأ في أسرة متدينة ، و مات أبوه وهو صغير بعد أن أوصى برعايته إلي أحد
أصدقائه من المتصوفة ، مما كان له أبلغ الأثر في شخصية أبي حامد ، ثم درس على أبى
المعالي الجويني إمام الحرمين و لازم أستاذه حتى وفاته ، و درس علوم الفلسفة و
المنطق و الكلام دراسة الناقد البصير، و أثمرت هذه الدراسات كتاب " تهافت
الفلاسفة " هذا فضلا عن تعمقه علوم الشريعة و العربية حتى صار من أكبر فقهاء
الشافعية ، و من أعظم المفكرين الإسلاميين الذين طبعوا الفكر الإسلامي بطابعهم
فيما تلاهم من قرون .
اتصل بنظام الملك الوزير السجوقي
و اشتغل بالتدريس في نظامية بغداد ، لكنه تركها بعد فترة و زهد في المناصب و اثر
العزلة و الانقطاع للعبادة و التأليف. رحل إلى مكة حاجا ثم تفرغ للنسك و العبادة
في دمشق فترة من الزمان ، لكنه تركها و عاد أخيرا إلى طوس و بني خانقاء بها و تفرغ
للتأليف و العبادة في خانقائه يحيط به مريدوه من الزهاد و مازال بها حتى وفاته عام
505 هـ .
للغزالي
اثار فكرية تتلمذت عليها الأجيال من بعده منها إحياء علوم الدين ، تهافت الفلاسفة
، ميزان العمل، الاقتصاد في الاعتقاد ، أيها الولد ، المنقذ من الضلال .
آراؤه
التربوية
للغزالي آراء في التربية و التعليم
بث معظمها في كتابه " إحياء علوم الدين " و تكشف عن سعة أفقه وتحليله
للنفس البشرية و كشفه عن جوانب القوة و الضعف فيها ، كما تكشف عن تمثله ثقافات
عصره و مراحل الشك التي مربها حتى وجد اليقين في الاتجاه الروحي و المنهج الصوفي
الذي اتبعه . و من آرائه التربوية :
1
– أساسيات المنهج و مواده
يقيم المنهج التعليمي عند الغزالي
على دعائم أساسية هي :
أ
– القرب من الله سبحانه و تعالى فيجب أن تكون مواد المنهج
مما يقرب المتعلم من الله و يفيده في حياته الدينية ، لذا كانت علوم الشريعة
محمودة عنده قليلها و كثيرها لما لها من أثر في تزكية النفس و تطهيرها من الآثام و
تقريبها من الله سبحانه ، و تستلزم دراسة هذه العلوم الاستعداد اللغوي بدراسة علوم
النحو و الصرف و اللغة ، لأنها أدوات أو
وسائل لدراسة علوم الشريعة .
ب
– الانتفاع بمواد المنهج في الحياة الدنيا ، لذا
حث على دراسة علوم الطب و الحساب و الطبيعة ، لحاجة الانسان إليها في دنياه .
ج
– تثقيف الانسان و تمدينه كانسان يعيش في مجتمع ، و يتعامل
مع الآخرين حاكما أو محكوما ، و يبتدى ذلك في دراسة السياسة و الأخلاق و التاريخ و
الشعر .
و في ضوء هذه الأسس تقسم مواد
المنهج عند الغزالي إلى :
·
علوم
شرعية و هي علوم القرآن و التفسير و الحديث و الفقه .
·
علوم
لسانية و هي العلوم التي تعتبر وسيلة لدراسة العلوم الشرعية مثل : النحو و الصرف و
اللغة.
·
علوم
عقلية يستفيد بها الإنسان في دنياه و هي علوم الطب و الحساب و الطبيعيات و
الصناعات و تسمى فروض الكفاية تمييزا
لها عن فروض العين و يقصد بها العلوم الشرعية ، التي تؤدي إلى معرفة الله وتزكية
النفس.
·
علوم
الثقافة العامة التي يطلبها من يعيش في المجتمع ترقية لنفسه و تهذيبا لسلوكه ، و إلماما
بقوانين الاجتماع و السياسة و تشمل الشعر و التاريخ و بعض فروع الفلسفة كالأخلاق و
السياسة.
- تربية الصبيان :
رأى الغزالي أن طلب العلم واجب
على الرجال و النساء ، لكنه اهتم أساسا بتعليم البنين ، و على الرغم من أن الإسلام
جعل طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة ، لكن مفكري التربية ومنهم الغزالي تأثر
بثقافات وأوضاع معاصرة لهم لم يهتموا كثيرا بتعليم البنات ، و انصب معضم اهتمامهم
على تعليم الذكور لا الإناث .
يرى الغزالي أن يعلم الصبي منذ
سنواته الأولى ، فذلك أدعى إلى ثبات المادة التعليمية و رسوخها في نفس الصبي ، و
يجب أن تعلمه ما يناسب استعداداته و قدراته ، وما يسهل عليه فهمه حتى لايرتبك عقله
و ينفر من العلم ، و يرى أن التعليم يؤثر في النفس إذا ما كان الجسم صحيحا معاف .
فالصحة للنفس تأتي من اعتدال مزاج البدن ،و تكامله مع النفس ، و لهذا ينظر إلى
اللعب بالنسبة للصبيان نظرة تربوية ، فلا يراه عبثا أو لهوا و إنما يراه تنمية
لجسم الصبي و ترويحا عن نفسه بإدخال السرور إليها ، و دفعا للملل من الدروس و طلبا
للراحة حتى يتجدد نشاط الصبي فيقبل عليها مرة ثانية .
و في مجال طرق التدريس و اداب
التذهيب يوجه المعلم إلى مراعاة التدرج في عرض الدروس على الصبيان ،فيبدأ بالأسهل
ثم السهل ثم الصعب فالأصعب و هكذا ، ولا يدخل في علم حتى ينتهي مما سبقه فبين
العلوم ترتيب وترابط . و على المعلم ألا يعرض على الصبي ما لا يعقله ، و لا ينم
علما من العلوم ، و إذا ما أخطأ الصبي لا يوبخه أمام زملائه و إنما يتبع معه سبيل
الرحمة و التوجيه لا سبيل التهديد و الوعيد .
و يوجه المعلم إلى أن يكون قدوة
صالحة للصبيان لأن عيونهم معقودة عليه ، فيكون تقيا ورعا ، رزينا وقورا، صادقا ،
نشيطا ، كما يوجهه إلى أهمية وقت الفراغ بالنسبة للصبيان ، فعليهم أن يشتغلوا فيه
بذكر الله وقراءة القران الكريم و حكايات الصالحين ، مع المحافظة على الصلاة في
أوقاتها ، فبهذا يجنب الصبيان مواطن السوء و يعودهم المحافظة على شعائر الدين و
ادابه .
Tidak ada komentar:
Posting Komentar